.سُورَةُ يُوسُفَ:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
.قَوْلُهُ تَعَالَى: {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ} الْآيَةَ. [3].
- أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْقَاهِرِ بْنُ طَاهِرٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرِو بْنُ مَطَرٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الْمُسْتَفَاضِ قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ الْقُرَشِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا خَلَّادُ بْنُ مُسْلِمٍ الصَّفَّارُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ قَيْسٍ الْمُلَائِيِّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ:
«في قوله تعالى: {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ}. قَالَ: أُنْزِلَ الْقُرْآنُ عَلَى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، فَتَلَاهُ عَلَيْهِمْ زَمَانًا، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَوْ قَصَصْتَ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ}. إِلَى قَوْلِهِ: {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ}. الْآيَةَ، فَتَلَاهُ عَلَيْهِمْ زَمَانًا فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَوْ حَدَّثْتَنَا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا}. قَالَ: كُلُّ ذَلِكَ تُؤْمَرُونَ بِالْقُرْآنِ»، رَوَاهُ الْحَاكِمُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ فِي صَحِيحِهِ، عن أبي زكريا الْعَنْبَرِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ السَّلَامِ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ.- وَقَالَ عَوْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: مَلَّ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ مَلَّةً فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، حَدِّثْنَا. فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى:
{اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ} الْآيَةَ. قَالَ: ثُمَّ إِنَّهُمْ مَلُّوا مَلَّةً أُخْرَى فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ فَوْقَ الْحَدِيثِ وَدُونَ الْقُرْآنِ- يَعْنُونَ الْقَصَصَ- فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى:
{نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ} فَأَرَادُوا الْحَدِيثَ، فَدَلَّهُمْ عَلَى أَحْسَنِ الْحَدِيثِ، وَأَرَادُوا الْقَصَصَ، فَدَلَّهُمْ عَلَى أَحْسَنِ الْقَصَصِ.
.سُورَةُ الرَّعْدِ:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
.قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ}... [13].
- أَخْبَرَنَا نَصْرُ بْنُ أَبِي نَصْرٍ الْوَاعِظُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ نُصَيْرٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ الرَّازِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الوهاب قال: حدثني عَلِيُّ بْنُ أَبِي سَارَةَ الشَّيْبَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا ثَابِتٌ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ:
«أَنَّ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، بَعَثَ رَجُلًا مَرَّةً إِلَى رَجُلٍ مِنْ فَرَاعِنَةِ الْعَرَبِ، فَقَالَ:اذْهَبْ فَادْعُهُ لِي، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّهُ أَعْتَى مِنْ ذَلِكَ. قَالَ: اذْهَبْ فَادْعُهُ لِي.قَالَ: فَذَهَبَ إِلَيْهِ، فَقَالَ: يَدْعُوكَ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، قَالَ: وَمَا اللَّهُ؟ أَمِنْ ذَهَبٍ هُوَ أَوْ مِنْ فِضَّةٍ أَوْ مِنْ نُحَاسٍ؟ قَالَ: فَرَجَعَ إِلَى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، فَأَخْبَرَهُ وَقَالَ: قَدْ أَخْبَرْتُكَ أَنَّهُ أَعْتَى مِنْ ذَلِكَ قَالَ لِي كَذَا وَكَذَا. فَقَالَ: ارْجِعْ إِلَيْهِ الثَّانِيَةَ فَادْعُهُ. فَرَجَعَ إِلَيْهِ فَأَعَادَ عَلَيْهِ مِثْلَ الْكَلَامِ الْأَوَّلِ، فَرَجَعَ إلى النبي صلى اللَّه عليه وسلم، فَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ: ارْجِعْ إِلَيْهِ، فَرَجَعَ الثَّالِثَةَ، فأعاد عليه مثل ذلك الكلام، فبينما هُوَ يكلمني إذ بعث اللَّه سَحَابَةٌ حِيَالَ رَأْسِهِ فَرَعَدَتْ فَوَقَعَتْ مِنْهَا صَاعِقَةٌ فَذَهَبَتْ بِقِحْفِ رَأْسِهِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي اللَّهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ}».- وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي رِوَايَةِ أَبِي صَالِحٍ وَابْنِ جُرَيْجٍ وَابْنِ زَيْدٍ:
«نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ وَالَّتِي قَبْلَهَا فِي عَامِرِ بْنِ الطُّفَيْلِ، وَأَرْبَدَ بْنِ رَبِيعَةَ، وَذَلِكَ أَنَّهُمَا أَقْبَلَا يُرِيدَانِ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذَا عَامِرُ بْنُ الطُّفَيْلِ قَدْ أَقْبَلَ نَحْوَكَ. فَقَالَ: دَعْهُ فَإِنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يَهْدِهِ. فَأَقْبَلَ حَتَّى قَامَ عَلَيْهِ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، مَا لِي إِنْ أَسْلَمْتُ؟ قَالَ: لَكَ مَا لِلْمُسْلِمِينَ، وَعَلَيْكَ مَا عَلَيْهِمْ. قَالَ: تَجْعَلُ لِيَ الْأَمْرَ. مِنْ بَعْدِكَ، قَالَ: لَا، لَيْسَ ذَلِكَ إِلَيَّ إِنَّمَا ذَلِكَ إلى اللَّه تعالى يَجْعَلُهُ حَيْثُ يَشَاءُ. قَالَ: فَتَجْعَلُنِي عَلَى الْوَبَرِ، وَأَنْتَ عَلَى الْمَدَرِ. قَالَ: لَا، قَالَ: فَمَاذَا تَجْعَلُ لِي؟ قَالَ: أَجْعَلُ لَكَ أَعِنَّةَ الْخَيْلِ تَغْزُو عَلَيْهَا، قَالَ: أَوَلَيْسَ ذَلِكَ إِلَيَّ الْيَوْمَ؟ وَكَانَ أَوْصَى. إِلَى أَرْبَدَ بْنِ رَبِيعَةَ: إِذَا رَأَيْتَنِي أُكَلِّمُهُ فَدُرْ مِنْ خَلْفِهِ وَاضْرِبْهُ بِالسَّيْفِ، فَجَعَلَ يُخَاصِمُ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم وَيُرَاجِعُهُ، فَدَارَ أَرْبَدُ خلف النبي صلى اللَّه عليه وسلم لِيَضْرِبَهُ، فَاخْتَرَطَ مِنْ سَيْفِهِ شِبْرًا، ثُمَّ حَبَسَهُ اللَّهُ تَعَالَى فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى سَلِّهِ وَجَعَلَ عَامِرٌ يُومِئُ إِلَيْهِ، فَالْتَفَتَ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، فَرَأَى أَرْبَدَ وَمَا يَصْنَعُ بِسَيْفِهِ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ اكْفِنِيهِمَا بِمَا شِئْتَ، فَأَرْسَلَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى أَرْبَدَ صَاعِقَةً فِي يَوْمٍ صَائِفٍ صَاحَ فَأَحْرَقَتْهُ، وَوَلَّى عَامِرٌ هَارِبًا وَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ دَعَوْتَ رَبَّكَ فَقَتَلَ أَرْبَدَ، وَاللَّهِ لَأَمْلَأَنَّهَا عَلَيْكَ خَيْلًا جُرْدًا، وَفِتْيَانًا مُرْدًا. فَقَالَ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم: يَمْنَعُكَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ ذَلِكَ وَأَبْنَاءُ قَيْلَةَ- يُرِيدُ الْأَوْسَ وَالْخَزْرَجَ- فَنَزَلَ عَامِرٌ بَيْتَ امْرَأَةٍ سَلُولِيَّةٍ، فَلَمَّا أَصْبَحَ ضَمَّ عَلَيْهِ سِلَاحَهُ فَخَرَجَ وَهُوَ يَقُولُ: وَاللَّاتِ وَالْعُزَّى لَئِنْ أَصْحَرَ مُحَمَّدٌ إِلَيَّ وَصَاحِبُهُ- يَعْنِي مَلَكَ الْمَوْتِ- لِأُنْفِذَنَّهُمَا بِرُمْحِي. فلما رأى اللَّه تَعَالَى ذَلِكَ مِنْهُ، أَرْسَلَ ملكًا فلطمه بجناحه فَأَذْرَاهُ فِي التُّرَابِ، وخرجت على ركبتيه غُدَّةٌ فِي الْوَقْتِ عَظِيمَةٌ كَغُدَّةِ الْبَعِيرِ، فَعَادَ إِلَى بَيْتِ السَّلُولِيَّةِ وَهُوَ يَقُولُ: غُدَّةٌ كَغُدَّةِ الْبَعِيرِ، وَمَوْتٌ فِي بَيْتِ السَّلُولِيَّةِ! ثُمَّ مَاتَ عَلَى ظَهْرِ فَرَسِهِ، وَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ هَذِهِ الْقِصَّةَ: {سَوَاءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ حَتَّى بَلَغَ وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ (1)}»..
.قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَنِ}..... [30].
- قَالَ أَهْلُ التَّفْسِيرِ: نَزَلَتْ فِي صُلْحِ الْحُدَيْبِيَةِ حِينَ أَرَادُوا كِتَابَ الصُّلْحِ، فَقَالَ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم لَعَلِيٍّ:
«اكْتُبُ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ»، فَقَالَ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو وَالْمُشْرِكُونَ: مَا نَعْرِفُ الرَّحْمَنَ إِلَّا صَاحِبَ الْيَمَامَةِ- يَعْنُونَ مُسَيْلِمَةَ الْكَذَّابَ- اكْتُبْ: بِاسْمِكَ اللَّهُمَّ. وَهَكَذَا كَانَتْ. أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يَكْتُبُونَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِمْ هَذِهِ الْآيَةَ.- وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي رِوَايَةِ الضَّحَّاكِ: نَزَلَتْ فِي كُفَّارِ قُرَيْشٍ حِينَ قَالَ لهم النبي صلى اللَّه عليه وسلم:
{اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ قَالُوا وَمَا الرَّحْمَنُ أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا} الْآيَةَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ وَقَالَ: قُلْ لَهُمْ: إِنَّ الرَّحْمَنَ الَّذِي أَنْكَرْتُمْ مَعْرِفَتَهُ هُوَ رَبِّي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ.
.قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ} الْآيَةَ. [31].
- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ النَّحْوِيُّ، قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْحِيرِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ سَلَمَةَ الْأَنْصَارِيُّ، حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ تَمِيمٍ، عَنْ عَبْدِ الْجَبَّارِ بْنِ عُمَرَ الْأَيْلِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ جَدَّتِهِ أُمِّ عَطَاءٍ مَوْلَاةِ الزُّبَيْرِ، قَالَتْ: سَمِعْتُ الزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَّامِ يَقُولُ:
«قَالَتْ قريش للنبي صلى اللَّه عليه وسلم: تَزْعُمُ أَنَّكَ نَبِيٌّ يُوحَى إِلَيْكَ، وَأَنَّ سُلَيْمَانَ سُخِّرَتْ لَهُ الرِّيحُ وَالْجِبَالُ، وَأَنَّ مُوسَى سُخِّرَ لَهُ الْبَحْرُ، وَأَنَّ عِيسَى كَانَ يُحْيِي الْمَوْتَى، فَادْعُ اللَّهَ أَنْ يُسَيِّرَ عَنَّا هَذِهِ الْجِبَالَ، وَيُفَجِّرَ لَنَا الْأَرْضَ أَنْهَارًا فَنَتَّخِذَهَا مَحَارِثَ فَنَزْرَعَ وَنَأْكُلَ، وَإِلَّا فَادْعُ اللَّهَ أَنْ يُحْيِيَ لَنَا مَوْتَانَا فَنُكَلِّمَهُمْ وَيُكَلِّمُونَا، وَإِلَّا فَادْعُ اللَّهَ أَنْ يُصَيِّرَ هَذِهِ الصَّخْرَةَ الَّتِي تَحْتَكَ ذَهَبًا فَنَنْحِتَ مِنْهَا وَتُغْنِيَنَا عَنْ رِحْلَةِ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ، فَإِنَّكَ تَزْعُمُ أنك كهيئتهم. فبينما نَحْنُ حَوْلَهُ إِذْ نَزَلَ عَلَيْهِ الْوَحْيُ، فَلَمَّا سُرِّيَ عَنْهُ قَالَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَدْ أَعْطَانِي مَا سَأَلْتُمْ، وَلَوْ شِئْتُ لَكَانَ، وَلَكِنَّهُ خَيَّرَنِي بَيْنَ أن تدخلوا في بَابِ الرَّحْمَةِ فَيُؤْمِنَ مُؤْمِنُكُمْ، وَبَيْنَ أَنْ يَكِلَكُمْ إِلَى مَا اخْتَرْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَتَضِلُّوا عَنْ بَابِ الرَّحْمَةِ وَلَا يُؤْمِنُ مُؤْمِنُكُمْ، فَاخْتَرْتُ بَابَ الرَّحْمَةِ وَأَنْ يُؤْمِنَ مُؤْمِنُكُمْ وَأَخْبَرَنِي إِنْ أَعْطَاكُمْ ذَلِكَ ثُمَّ كفرتم، أنه يعذبكم عَذَابًا لَا يُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ. فَنَزَلَتْ: {وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآيَاتِ إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ وَآتَيْنا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِهَا}. حَتَّى قَرَأَ ثَلَاثَ آيَاتٍ، وَنَزَلَتْ: {وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتى}. الْآيَةَ».
.قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْواجًا وَذُرِّيَّةً}. [38].
- قَالَ الْكَلْبِيُّ: عَيَّرَتِ الْيَهُودُ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، وَقَالَتْ: مَا نَرَى لِهَذَا الرَّجُلِ هِمَّةً إِلَّا النِّسَاءَ وَالنِّكَاحَ، وَلَوْ كَانَ نَبِيًّا كَمَا زعم لشغله أمره النُّبُوَّةِ عَنِ النِّسَاءِ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ.
.سُورَةُ الْحِجْرِ:
.قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ}. [24].
- أَخْبَرَنَا نَصْرُ بْنُ أَبِي نَصْرٍ الْوَاعِظُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ نُصَيْرٍ الرَّازِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ الرازي، قال: أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ: حَدَّثَنَا نُوحُ بْنُ قَيْسٍ الطَّاحِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي الْجَوْزَاءِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: كَانَتْ تُصَلِّي خلف النبي صلى اللَّه عليه وسلم امْرَأَةٌ حَسْنَاءُ فِي آخر النساء، فكان بَعْضُهُمْ يَتَقَدَّمُ إِلَى الصَّفِّ الْأَوَّلِ لِئَلَّا يَرَاهَا، وَكَانَ بَعْضُهُمْ يَكُونُ فِي الصَّفِّ الْمُؤَخَّرِ، فَإِذَا رَكَعَ قَالَ هَكَذَا- وَنَظَرَ مِنْ تَحْتِ إِبِطِهِ- فَنَزَلَتْ:
{وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ}.- وَقَالَ الرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ: حَرَّضَ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم عَلَى الصَّفِّ الْأَوَّلِ فِي الصَّلَاةِ، فَازْدَحَمَ النَّاسُ عَلَيْهِ، وَكَانَ بَنُو عُذْرَةَ دُورُهُمْ قَاصِيَةٌ عَنِ الْمَسْجِدِ، فَقَالُوا: نَبِيعُ دُورَنَا وَنَشْتَرِي دُورًا قَرِيبَةً مِنَ الْمَسْجِدِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ.
.قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ}.... [47].
- أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حَمْدَانَ الْعَدْلُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ خَالِدٍ الفحام قال: أخبرنا عَلِيُّ بْنُ هَاشِمٍ، عَنْ كَثِيرٍ النَّوَّاءِ. أَنَّهُ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي جَعْفَرٍ: إِنَّ فُلَانًا حَدَّثَنِي عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ رضي اللَّه عنهما: أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ:
{وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ}. قَالَ: وَاللَّهِ إنها لفيهم أنزلت وَفِيمَنْ تَنْزِلُ إِلَّا فِيهِمْ؟ قُلْتُ: وَأَيُّ غِلٍّ هُوَ؟ قَالَ: غِلُّ الْجَاهِلِيَّةِ، إِنَّ بَنِي تَيْمٍ وَعَدِيٍّ وَبَنِي هَاشِمٍ، كَانَ بَيْنَهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ غِلٌّ، فَلَمَّا أَسْلَمَ هَؤُلَاءِ الْقَوْمُ تَحَابُّوا فَأَخَذَتْ أَبَا بَكْرٍ الْخَاصِرَةُ، فَجَعَلَ عَلِيٌّ يُسَخِّنُ يَدَهُ فَيُكَمِّدُ بِهَا خَاصِرَةَ أَبِي بَكْرٍ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ.
.قَوْلُهُ تَعَالَى: {نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}. [49].
- رَوَى ابْنُ الْمُبَارَكِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أصحاب النبي صلى اللَّه عليه وسلم، أَنَّهُ قَالَ:
«طَلَعَ عَلَيْنَا رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم مِنَ الباب الذي يدخل مِنْهُ، بَنُو شَيْبَةَ، وَنَحْنُ نَضْحَكُ، فَقَالَ: أَلَا أَرَاكُمْ تَضْحَكُونَ! ثُمَّ أَدْبَرَ حَتَّى إِذَا كَانَ عِنْدَ الْحِجْرِ رَجَعَ إِلَيْنَا الْقَهْقَرَى، فَقَالَ: إِنِّي لَمَّا خَرَجْتُ جَاءَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ يَقُولُ اللَّه تعالى عَزَّ وَجَلَّ: لِمَ تُقَنِّطُ عِبَادِي؟ نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ».
.قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ}. [87].
- قَالَ الْحُسَيْنُ بْنُ الْفَضْلِ: إِنَّ سَبْعَ قَوَافِلَ وَافَتْ مِنْ بُصْرَى وَأَذْرِعَاتٍ لِيَهُودِ قُرَيْظَةَ وَالنَّضِيرِ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ، فِيهَا أَنْوَاعٌ مِنَ الْبَزِّ وَأَوْعِيَةُ الطِّيبِ وَالْجَوَاهِرِ وَأَمْتِعَةُ الْبَحْرِ، فَقَالَ الْمُسْلِمُونَ: لَوْ كَانَتْ هَذِهِ الْأَمْوَالُ لَنَا لَتَقَوَّيْنَا بِهَا فَأَنْفَقْنَاهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ وقال: لَقَدْ أَعْطَيْتُكُمْ سَبْعَ آيَاتٍ هِيَ خَيْرٌ لَكُمْ من هذه السبع الْقَوَافِلِ. وَيَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ هذا قوله تعالى عَلَى أَثَرِهَا:
{لَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ} الْآيَةَ.